لمحــة تـاريخية
لمحــة تـاريخية
لقد مر التوثيق الجزائري قبل قانون 06/02 بعدة مراحل ترجع إلى تاريخ نشأة الدولة الجزائرية، وهو الأمر الذي يبرر تقسيم العرض الحالي إلى ثلاث مراحل متميزة.
المرحلة الأولى (الأصل التاريخي للتوثيق في الجزائر)
من حيث الواقع، كانت وظيفة التوثيق قائمة بالجزائر قبل تكريسها قانونا وتعتبر مؤسسة قديمة ذات أصل عرفي ثم كرسها الإسلام، بحيث كان المسلمون السابقون في ميدان الحث على الكتابة وقد أكدت على ذلك سورة البقرة في الايات الكريمة المسماة بالعقود والتي قال فيها الله سبحانه وتعالى
وقد كانت هذه المؤسسة مساوية أو مشابهة لوظيفة التوثيق التقليدية المعروفة، أما من حيث تسميتها فقد اصطلح على تسميتها "بالمحكمة الشرعية" ، وكانت منظمة ومسيرة حسب النظام التقليدي الجاري به العمل في البلدان الإسلامية وكان الطابع الديني المضفى على وظيفتها أعطاها بعدا ورعيا.
أما الهيكل البشري لهذه المؤسسة فقد كان مكونا من القضاة والباش عدول والعدول الذين كانوا يطبقون قواعد الشريعة الإسلامية حسب المذهب المالكي.
كانت صلاحيات واختصاصات ودور هذه المحكمة واسعة ومتنوعة وجد ممتدة، فبالإضافة إلى الدور التقليدي الذي يندرج ضمن المهمة التوثيقية كما هي معروفة حاليا (بيع، هبة، وكالة، زواج، رهن، شهادة شهرة، عقد إيجار أو مزارعة، إلخ …)،كان لهذه المحكمة كذلك دور وصلاحيات قضائية تنفرد بها في مسائل الأحوال الشخصية وحماية القصر، بحيث كانت لها سلطة الفصل في طلبات الطلاق وحضانة الأطفال والنفقة والتعويض عن الطلاق التعسفي.
وكانت تضطلع بدور مهم وحاسم في شأن حماية القصر، وتتمتع، بهدف ذلك، بسلطات واسعة. وهكذا فمن بين ما يعود إليها من الصلاحيات:
- أ- تعيين ولي القاصر عند وفاة الأب؛
- ب- تعيين المقدم لإدارة أموال القاصر فاقد الأب أومن أبوين غير معروفين؛
- ج- تعيين ولي تزويج المرأة البكر في حالة موت الأب أو فقدانه أو غيابه.
المرحلة الثانية: (الفترة الاستعمارية من 1830 إلى 1962)
كانت الوظيفة التوثيقية في هذه المرحلة منظمة وفق قانون قديم يعود إلى تاريخ 25 فانتوز من السنة الحادية عشرة (ما يطابق 16 مارس 1803) والذي دخل حيز التنفيذ بالجزائر بموجب مجرد قرار صادر بتاريخ 31 ديسمبر 1842. وقد نظم هذا القرار ممارسة مهنة الموثق دون أن يعيد النظر في النظام القائم، مما أوجد، ولمدة طويلة نظامين إثنين:
- النظام التقليدي المجسد في "المحكمة الشرعية" والذي تمتد اختصاصاته إلى الجزائريين المسلمين دون سواهم.
- النظام المسمى بالعصري والذي كان تطبيقه ينحصر تقريبا على الأوروبيين فقط، مع إمكانية تطبيقه على الجزائريين الذي يختارون الخضوع للقانون المدني الفرنسي، وبالنتيجة الخضوع إلى شروط خاصة، فقد كان هذا النظام إذن انتقائي.
غير أنه، و طيلة هذه المدة، لم يعاد النظر في هذين النظامين، بل على العكس من ذلك ،فقد اتخذت عدة نصوص ذات طابع تشريعي أو تنظيمي لتنظيم مؤسسة "المحكمة الشرعية" ولكن بهدف تقليص مهامها القضائية والتوثيقية.
والواقع، فبعد إنشاء محاكم الصلح ومحاكم الدرجة الأولى ،أصبحت المحاكم التقليدية عبارة عن "جهات قضائية إستثنائية" بالنسبة لاختصاصاتها القضائية.
وقد يبرر هذه الازدواجية تواجد صنفين من السكان: المسلمين من جهة والأوروبيين من جهة أخرى، مع واقع التعارض البيّن بين مصالح الفئتين.
وقد أدت هذه ا الازدواجية في النظام التوثيقي والقضائي إلى جعل القانون الفرنسي هو الشريعة العامة والشريعة الإسلامية القانون الاستثنائي.
المرحلة الثالثة التوثيق الجزائري منذ الاستقلال
لقد ورثت الجزائر إذن من هذا النظام المزدوج للتوثيق، النظام المسمى بالتقليدي المعمول به على مستوى "المحاكم الشرعية" والنظام الموصوف بالعصري والمطبق في مكاتب التوثيق و لكل منهما نصوص خاصة به تحدد سيره وتنظيمه.
وقد تقرر تمديد العمل بهذا النظام المزدوج بموجب القانون 62/157 المؤرخ في 31/12/1962 ثم أستبعد تدريجيا بإدخال نظام تشريعي وتنظيمي موحد وضع حيز التنفيذ على المراحل الثلاثة الآتية
المرحلة الأولى (من 05 جويلية 1962 إلى 15 ديسمبر 1970)
عدا بعض التعديلات الطفيفة في الميدان التنظيمي القائم في هذه المرحلة، فقد أبقي النظام التوثيقي على النحو المذكور أعلاه (ازدواجية) وذلك بفعل القانون الصادر في 31 ديسمبر 1962 الذي مدد إلى أجل لاحق العمل بالتشريع الفرنسي باستثناء أحكامه المخالفة للسيادة الوطنية أو ذات طابع استعماري أو تمييزي أو تمس بالحريات الديمقراطية.
المرحلة الثانية (من 15 ديسمبر 1970 إلى 10 جويلية 1988)
لقد أحدث الإصلاح المعتمد في 15 ديسمبر 1970 ثورة في النظام التوثيقي في الجزائر.
فوحد ، قبل كل شئ نظام التوثيق وبسطه بإدماج المحاكم ومكاتب التوثيق في مؤسسة موحدة ومجددة كلية، وبعدما أسند هذا الإصلاح الوظيفة التوثيقية إلى أعوان الدولة يخضعون للقانون الأساسي العام للوظيف العمومي.
بيد أن ما هو مؤكد أن هذه التجربة لم تأت بالنتائج المرجوة، فلذلك لجأ المشرع الجزائري إلى سن تشريع جديد يمكن من ممارسة هذه المهنة للحساب الخاص وبالنتيجة ملء الفراغ الملاحظ في هذا المجال.
المرحلة الثالثة (من تاريخ 12 جويلية 1988 إلى 20 فيفري 2006):
لقد استعادت هذه المهنة طابعها الحر منذ إصدار القانون رقم 88/27 المؤرخ في 12 جولية 1988 المتعلق بتنظيم التوثيق، الذي أعاد تنظيم مهنة التوثيق و جعلها مهنة حرة حيث يتولى تسييره الموثق لحسابه الخاص منذ الفاتح جانفي 1990، حيث عرفت المادة الخامسة منه الموثق بأنه ضابطا عموميا يتولى تحرير العقود التي يحدد القانون صيغتها الرسمية و كذا العقود التي يود الأطراف إعطاءها هذه الصبغة.
المرحلة الرابعة (من تاريخ 20 فيفري 2006إلى يومنا هذا):
نظرا لدخول الدولة الجزائرية إلى اقتصاد السوق و ما تطلب ذلك من توسع في الأنشطة التجارية و الاقتصادية كل ذلك استدعى إعادة تنظيم مهنة التوثيق حيث صدر القانون رقم 06/02 المؤرخ في 20 فبراير 2006 ( ج ر عدد 15/2006)، كما أن هذا القانون نظم صلاحيات الموثق و سلطته في تحرير العقود، كما نظم أشكال العقود التوثيقية و مضمونها و كل الأمور التي تقتضيها هذه المهنة.
فريقنا
اتصل بنا
16 ، شارع 5 جويلية 1962
الحراش 16200 الجزائر العاصمة
الهاتف: 18 24 83 21 213+
الهاتف: 96 10 83 21 213+
فاكس: 86 21 83 21 213+